الصنف الثالث: ما يمكن أن يكون مستقبلاً من الحوادث التي لا يمكن ان تقع إلا بفعل فاعل بالاختيار بحرية واختيار حقيقي. وأعلى هؤلاء الفاعلين بالاختيار هو الله سبحانه وتعالى لأنه هو الفاعل بالاختيار والحرية المطلقة من كل قيد أو شرط، فهذه الممكنات يستحيل عقلاً أن تعلم بأعيانها حتى يُتخذ القرار فعلياً بإحداثها في حينه، والحجة القاطعة لذلك قوله تعالى: ﴿وَءَاخَرُونَ مُرۡجَوۡنَ لِأَمۡرِ ٱللَّهِ إِمَّا يُعَذِّبُهُمۡ وَإِمَّا يَتُوبُ عَلَيۡهِمۡۗ وَٱللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٞ١٠٦﴾، فلم يصدر الأمر الإلهي بالتعذيب أو بالعفو حين نزول هذه الآية وأُجّل ذلك إلى المستقبل معلقاً بأمر الله في ظروفه ووقته المناسب، ولو كان قد عُلم عند نزول الآية بأنه سيتم العفو عنهم كما وقع بالفعل بعد ذلك بمدة، لكان كلام الله كذباً، وما كان عنده من خيار، ولكان في هذه الجزئية بالذات فاعلاً بالاضطرار، لأن علمه حق مطلق لابد من وقوعه. ولو كابرنا وقلنا أنه ما زال فاعلاً بالاختيار فلا يمكن أن يكون ذلك إلا بأن ينقلب علمه جهلاً، وإذا جاز أن ينقلب العلم جهلاً جاز أن ينقلب وجوده عدماً. وهذا هو هدم العقل والجنون الخالص.
ومن هذا الباب قول الله تعالى: ﴿وَلَقَدۡ فَتَنَّا ٱلَّذِينَ مِن قَبۡلِهِمۡۖ فَلَيَعۡلَمَنَّ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ صَدَقُواْ وَلَيَعۡلَمَنَّ ٱلۡكَٰذِبِينَ٣﴾، وكذلك: ﴿إِن يَمۡسَسۡكُمۡ قَرۡحٞ فَقَدۡ مَسَّ ٱلۡقَوۡمَ قَرۡحٞ مِّثۡلُهُۥۚ وَتِلۡكَ ٱلۡأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيۡنَ ٱلنَّاسِ وَلِيَعۡلَمَ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَيَتَّخِذَ مِنكُمۡ شُهَدَآءَۗ وَٱللَّهُ لَا يُحِبُّ ٱلظَّٰلِمِينَ١٤٠﴾، وكذلك قوله سبحانه وتعالى: ﴿وَلَيَعۡلَمَنَّ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَلَيَعۡلَمَنَّ ٱلۡمُنَٰفِقِينَ١١﴾، و﴿لَقَدۡ أَرۡسَلۡنَا رُسُلَنَا بِٱلۡبَيِّنَٰتِ وَأَنزَلۡنَا مَعَهُمُ ٱلۡكِتَٰبَ وَٱلۡمِيزَانَ لِيَقُومَ ٱلنَّاسُ بِٱلۡقِسۡطِۖ وَأَنزَلۡنَا ٱلۡحَدِيدَ فِيهِ بَأۡسٞ شَدِيدٞ وَمَنَٰفِعُ لِلنَّاسِ وَلِيَعۡلَمَ ٱللَّهُ مَن يَنصُرُهُۥ وَرُسُلَهُۥ بِٱلۡغَيۡبِۚ إِنَّ ٱللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٞ٢٥﴾، ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ لَيَبۡلُوَنَّكُمُ ٱللَّهُ بِشَيۡءٖ مِّنَ ٱلصَّيۡدِ تَنَالُهُۥٓ أَيۡدِيكُمۡ وَرِمَاحُكُمۡ لِيَعۡلَمَ ٱللَّهُ مَن يَخَافُهُۥ بِٱلۡغَيۡبِۚ فَمَنِ ٱعۡتَدَىٰ بَعۡدَ ذَٰلِكَ فَلَهُۥ عَذَابٌ أَلِيمٞ٩٤﴾ وغيرها من آيات الذكر الحكيم، توجب القطع بأن نتيجة الإمتحان للمكلفين الموصوفين بحرية الاختيار لا يمكن أن تُعلم إلا بعد تمام الإمتحان ووقوع اختيار المكلفين فعلياً، وإلا لكانت جمل: ﴿فَلَيَعۡلَمَنَّ ٱللَّهُ﴾، و﴿وَلَيَعۡلَمَنَّ ٱللَّهُ﴾، و﴿وَلِيَعۡلَمَ ٱللَّهُ﴾، كذباً، أو محتاجة لتأويل بعيدمثل قولهم: (حتى يظهر ما كان في علم الله) وهو تأويل في غاية السخف كما يظهر من المناقشة أعلاه.
أما بالنسبة لقوله جل جلاله: ﴿مَآ أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٖ فِي ٱلۡأَرۡضِ وَلَا فِيٓ أَنفُسِكُمۡ إِلَّا فِي كِتَٰبٖ مِّن قَبۡلِ أَن نَّبۡرَأَهَآۚ إِنَّ ذَٰلِكَ عَلَى ٱللَّهِ يَسِيرٞ٢٢﴾، فقد زعم بعضهم أن لفظة: ﴿فِي كِتَٰبٖ مِّن قَبۡلِ أَن نَّبۡرَأَهَآۚ﴾ تعني أو تقتضي أن المصيبة معلومة منذ الأزل. وهذا خيال جامح لأن الإبراء هو الخلق، وكونها في كتاب قبل أن توجد إنما هو كناية عن علم الله قبل خلقها إما بوقوعها بعينها فتكون مثلاً من الصنف الأول المذكور أعلاه، أو بإمكانية وقوعها بشروطها وفي وقتها المناسب فتكون من الصنف الثاني أو الثالث.
ومن هذا الباب قول الله تعالى: ﴿وَلَقَدۡ فَتَنَّا ٱلَّذِينَ مِن قَبۡلِهِمۡۖ فَلَيَعۡلَمَنَّ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ صَدَقُواْ وَلَيَعۡلَمَنَّ ٱلۡكَٰذِبِينَ٣﴾، وكذلك: ﴿إِن يَمۡسَسۡكُمۡ قَرۡحٞ فَقَدۡ مَسَّ ٱلۡقَوۡمَ قَرۡحٞ مِّثۡلُهُۥۚ وَتِلۡكَ ٱلۡأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيۡنَ ٱلنَّاسِ وَلِيَعۡلَمَ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَيَتَّخِذَ مِنكُمۡ شُهَدَآءَۗ وَٱللَّهُ لَا يُحِبُّ ٱلظَّٰلِمِينَ١٤٠﴾، وكذلك قوله سبحانه وتعالى: ﴿وَلَيَعۡلَمَنَّ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَلَيَعۡلَمَنَّ ٱلۡمُنَٰفِقِينَ١١﴾، و﴿لَقَدۡ أَرۡسَلۡنَا رُسُلَنَا بِٱلۡبَيِّنَٰتِ وَأَنزَلۡنَا مَعَهُمُ ٱلۡكِتَٰبَ وَٱلۡمِيزَانَ لِيَقُومَ ٱلنَّاسُ بِٱلۡقِسۡطِۖ وَأَنزَلۡنَا ٱلۡحَدِيدَ فِيهِ بَأۡسٞ شَدِيدٞ وَمَنَٰفِعُ لِلنَّاسِ وَلِيَعۡلَمَ ٱللَّهُ مَن يَنصُرُهُۥ وَرُسُلَهُۥ بِٱلۡغَيۡبِۚ إِنَّ ٱللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٞ٢٥﴾، ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ لَيَبۡلُوَنَّكُمُ ٱللَّهُ بِشَيۡءٖ مِّنَ ٱلصَّيۡدِ تَنَالُهُۥٓ أَيۡدِيكُمۡ وَرِمَاحُكُمۡ لِيَعۡلَمَ ٱللَّهُ مَن يَخَافُهُۥ بِٱلۡغَيۡبِۚ فَمَنِ ٱعۡتَدَىٰ بَعۡدَ ذَٰلِكَ فَلَهُۥ عَذَابٌ أَلِيمٞ٩٤﴾ وغيرها من آيات الذكر الحكيم، توجب القطع بأن نتيجة الإمتحان للمكلفين الموصوفين بحرية الاختيار لا يمكن أن تُعلم إلا بعد تمام الإمتحان ووقوع اختيار المكلفين فعلياً، وإلا لكانت جمل: ﴿فَلَيَعۡلَمَنَّ ٱللَّهُ﴾، و﴿وَلَيَعۡلَمَنَّ ٱللَّهُ﴾، و﴿وَلِيَعۡلَمَ ٱللَّهُ﴾، كذباً، أو محتاجة لتأويل بعيدمثل قولهم: (حتى يظهر ما كان في علم الله) وهو تأويل في غاية السخف كما يظهر من المناقشة أعلاه.
أما بالنسبة لقوله جل جلاله: ﴿مَآ أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٖ فِي ٱلۡأَرۡضِ وَلَا فِيٓ أَنفُسِكُمۡ إِلَّا فِي كِتَٰبٖ مِّن قَبۡلِ أَن نَّبۡرَأَهَآۚ إِنَّ ذَٰلِكَ عَلَى ٱللَّهِ يَسِيرٞ٢٢﴾، فقد زعم بعضهم أن لفظة: ﴿فِي كِتَٰبٖ مِّن قَبۡلِ أَن نَّبۡرَأَهَآۚ﴾ تعني أو تقتضي أن المصيبة معلومة منذ الأزل. وهذا خيال جامح لأن الإبراء هو الخلق، وكونها في كتاب قبل أن توجد إنما هو كناية عن علم الله قبل خلقها إما بوقوعها بعينها فتكون مثلاً من الصنف الأول المذكور أعلاه، أو بإمكانية وقوعها بشروطها وفي وقتها المناسب فتكون من الصنف الثاني أو الثالث.
تعليقات
إرسال تعليق