حزب التجديد الإسلامي

وقد زعم بعض المتكلمين من الاشاعرة وغيرهم بأن هذا ليس بتجدد في العلم وإنما تغير في العلاقات والروابط وهذه سفسسطات وبهلوانيات لفظية وتكذيب لنص القرآن القاطع: ﴿وَمَا تَسۡقُطُ مِن وَرَقَةٍ إِلَّا يَعۡلَمُهَا﴾، وما يتهرب به البعض بقولهم بأن الله متعال على الزمن، فهذا ايضاً كلام فارغ لا يختلف كثيراً عن قول من يقول: بأنه داخل الزمن، أو على يمين الزمن، أو أمام الزمن، أو خلف الزمن، أو ما شاكل ذلك من العبارات الفارغة المضحكة، لأن الله هو الزمن أو الدهر كما جاء في الحديث الصحيح: (يؤذيني ابن آدم يسب الدهر، وأنا الدهر بيدي الأمر، أقلب الليل والنهار ).
وهذا الحديث الصحيح العجيب هو من دلائل النبوة لأنه لم يسبق لاحد من الأنبياء السابقين، ولا في الكتب الموجودة في أيدينا (بغض النظر عن تحريفها وعدم تحريفها، وصحة نسبتها للأنبياء أو عدم ذلك)، ولا في أقوال الفلاسفة والمفكرين كلام مثل هذا مطلقاً، حسم الله به، على لسان نبيّه، إشكالية الزمن التي أشكلت – وما زالت تشكل – على عامة المفكرين.
والمناقشة أعلاه تبيّن بطلان مقولتهم الخبيثة: (ما لا يخلو من الحوادث فهو مُحْدَث، أو: فهو حادِث)، التي جعلوها أصلاً بنوا عليه براهينهم الفاسدة في إثبات حدوث العالم، ومن ثَمَّ إثبات وجود الخالق تبارك وتعالى. وحقيقة هذه المقولة أنها ليست بيِّنة أو ضرورية بمجرد تأمل وتحليل معاني ألفاظها، بل هي إدعاء تركيبي يحتاج إلى برهان، وهم لم يأتوا ببرهان معتبر، وإنما ذكروها كأنها بديهية تعلم صحتها بمجرد قراءتها. والمناقشة أعلاه تبيّن أن إثبات تجدد العلم لله (بغض النظر عن تسميته حدثاً أو تغير روابط وعلاقات.. إلخ)، وهذا التجدد في العلم هو في حقيقته حَدَث، ضروري لإثبات كون الله بكل شيء عليم، لأن واجب الوجود، إن كان عليماً، فلابد أن يكون علمه شاملاً لكل ما يمكن أن يُعلم، وإلا لكان ناقصاً يحتاج إلى تكميل وهذا محال في حق واجب الوجود. فواجب الوجود إما أن يكون (طبيعةً) ميتةً صماء بكماء عمياء، لا تعلم شيئاً، ولا تدرك نفسها، فاعلةً بالإضطرار (أي: موجبة بالذات كما يقول الفلاسفة)، وإما أن يكون (إلاهاً) فاعلاً بالاختيار، متصفاً بالحرية المطلقة، والقدرة الكليّة، والعلم الشامل المحيط: أي موصوفاً بالحياة الكاملة فهو الحيُّ القيوم.

تعليقات