حزب التجديد الإسلامي

وهذا التصحيح يقتضي أن الله موصوف بصفة العلم: ﴿أَنَّ ٱللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيۡءٖ قَدِيرٞ وَأَنَّ ٱللَّهَ قَدۡ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيۡءٍ عِلۡمَۢا١٢﴾ منذ الأزل وفي كل لحظة من لحظات الزمن بعد ذلك إلى الأبد!.
وانطلاقاً من هذه التعريفات الأساسية أقول:

أولاً: قبل خلق الكون وقبل كل شيء أي في ما يسمى بالأزل كان الله عالماً بذاته وقدرته وصفاته، وبكل الحقائق العقلية والمنطقية والرياضية بما في ذلك ما هو ضروري وما هو ممكن وما هو مستحيل، وبكل الأكوان الممكنة.
وهذا هو (العلم الإلهي في الأزل)، فهو عليم بكل شيءٍ في الأزل، ولم يكن عندها قد خلق قلم ولا كتبت مقادير ولا قال الله لشيء كن فيكون بعد.
ثانيا: اختار الله كوننا بصفته ومقاديره كما هو حاضر في علم الله الأزلي على النحو الذي سبق ذكره، وكان ذلك الاختيار بكامل حريته المططلقة من كل قيد أو شرط. فلم تكن هناك علة أو أمر يجبره على ذلك الاختيار بعينه فقد كان ممكناً له أن يختار أكواناً أخرى ومقاديرها وأن يخرجها من العدم بكامل بحريته واختياره فهو موصوف(بالحرية المطلقة وإلا لكان فاعلاً بالاضطرار). راجع تأصيل هذا في كتاب التوحيد في الباب الرابع: فصل: (أفعال الله وأحكامه لا تعلّل، بل هو يفعل ما يشاء ويختار، ويحكم ما يريد).
https://cutt.ly/3nKtsbt
وبمجرد اختيار هذا الكون وصدور الأمر الإلاهي (كن فيكون) بخلقه، انتهى ما يسمى بالأزل، وبدأ الزمن أو الدهر الذي هو الله سبحانه وتعالى: (يؤذيني ابن آدم يسب الدهر ، وأنا الدهر بيدي الأمر ، أقلب الليل والنهار ). فلا صحة لما يقال أن الدهر (أو الزمان المطلق الذي يحيل إليه الفيزيائيون في نظرية الكم) مخلوق، وإنما هو عبارة عن المشيئة والقدرة والفعاليات الإلاهية المتتالية. وكذلك لا يقال أن الله (متعالٍ على الزمان)، ولا يقال: (يسري أو لا يسري عليه الزمان)، ولا يقال: (هو خارج الزمان أو داخل الزمان)، كل هذا وما شابهه جمل إنشائية لا معنى لها تصلح للشعراء ولكن لا مكان لها في المباحث الفكرية والعقدية.

تعليقات