حزب التجديد الإسلامي

وأما ما قاله ابن كثير في تفسيره: [(وقوله ﴿يَمۡحُواْ ٱللَّهُ مَا يَشَآءُ وَيُثۡبِتُۖ وَعِندَهُۥٓ أُمُّ ٱلۡكِتَٰبِ٣٩﴾ اختلف المفسرون في ذلك فقال الثوري ووكيع وهشيم عن ابن أبي ليلى عن المنهال بن عمرو عن سعيد بن جبير عن ابن عباس: يدبر أمر السنة فيمحو الله ما يشاء إلا الشقاء والسعادة والحياة والموت وفي رواية ﴿يَمۡحُواْ ٱللَّهُ مَا يَشَآءُ وَيُثۡبِتُۖ وَعِندَهُۥٓ أُمُّ ٱلۡكِتَٰبِ٣٩﴾، قال كل شئ إلا الموت والحياة والشقاء والسعادة فإنهما قد فرغ منهما. وقال مجاهد ﴿يَمۡحُواْ ٱللَّهُ مَا يَشَآءُ وَيُثۡبِتُۖ وَعِندَهُۥٓ أُمُّ ٱلۡكِتَٰبِ٣٩﴾، قال كل شئ إلا الحياة والموت والشقاء والسعادة فإنهما لا يتغيران. وقال منصور سألت مجاهدا فقلت أرأيت دعاء أحدنا يقول: اللهم إن كان اسمي في السعداء فأثبته فيهم وإن كان في الأشقياء فامحه عنهم واجعله في السعداء فقال حسن: ثم لقيته بعد ذلك بحول أو أكثر فسألته عن ذلك فقال: ﴿إِنَّآ أَنزَلۡنَٰهُ فِي لَيۡلَةٖ مُّبَٰرَكَةٍۚ إِنَّا كُنَّا مُنذِرِينَ٣﴾، الآيتين، قال يقضي في ليلة القدر ما يكون في السنة من رزق أو مصيبة ثم يقدم ما يشاء ويؤخر ما يشاء فأما كتاب السعادة والشقاء فهو ثابت لا يغير. وقال الأعمش عن أبي وائل شقيق بن سلمة إنه كان كثيرا ما يدعو بهذا الدعاء: اللهم إن كنت كتبتنا أشقياء فامحه واكتبنا سعداء وإن كنت كتبتنا سعداء فأثبتنا فإنك تمحو ما تشاء وتثبت وعندك أم الكتاب. رواه ابن جرير أيضا: حدثنا عمرو بن علي حدثنا معاذ بن هشام حدثنا أبي عن أبي حكيمة عصمة عن أبي عثمان النهدي أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال، وهو يطوف بالبيت وهو يبكي: اللهم إن كنت كتبت علي شقوة أو ذنبا فامحه فإنك تمحو ما تشاء وتثبت وعندك أم الكتاب فاجعله سعادة ومغفرة.]: هكذا بأحرفه إلا من استكمال الآيات وتصحيح الهجاء وعلامات الترقيم.
فهذا كما لا يخفى اضطراب في الأقوال حيث لا يوجد معنىً لاستثناء الشقاوة والسعادة، أو الموت والحياة، من المحو والإثبات عند من قال بذلك، علماً بأن عمر بن الخطاب رضي الله عنه ليس من القائلين بذلك، فالإسناد إليه كالشمس، وكذلك في الأرجح ابن عبّاس لأن الإسناد إليه ضعيف لا يحتج به لكثرة خطأ ابن أبي ليلى. وعلى كل حالٍ فكلهم مجمعون على وجود محوٍ وإثبات ولو في بعض الأمور. ومن المَحال الممتنع أن يكون الله قادراً على محوٍ وإثبات في بعض الأمور ويكون عاجزاً عنه في أمور أخرى لأنه كليُّ القدرة لا يعجزه شيءٌ أصلاً.

تعليقات